من الممكن أن تُطيح ببساطة بورقة النتيجة لتكتشف أنك فى 2019، هل أنت حقاً فى عام جديد، أم أن بداخلك كل الأعوام السابقة، ليست فقط بداخلك، بل أنت لا تزال تعيشها وهى أيضا تعيشك، ورغم ذلك سوف أتوقف أمام بعض الملامح التى أرى أنها ستصبح هى القضايا الرئيسية خلال الساعات القادمة، والتى نستقبل بها عامنا الواقف على الباب.
شاهدنا تغييرًا جذرياً فى «الميديا» سوف يؤدى إلى رسم بصمة أخرى للعام الجديد، ولكن هل بالفعل سيتم حسم الموقف وضبط وربط المنظومة وفقاً لصوت ورأى واحد، أم أن زمن الوقوف صفا واحدا وترديد نفس اللحن لم يعد ممكناً، الرغبة شىء والقدرة شىء آخر، والزمن الذى نعيشه غير الكثير من كل قواعد اللعبة التى كانت قادرة قبل الألفية الثالثة على فرض قانون الواقع، فى ظل تعدد القنوات والسماء المفتوحة، بات للناس العديد من الألسن والعيون، الرسالة ليس لها مصدر واحد، بل تعددت المصادر، والفارق بينها هو فى درجة المصداقية، ولن يملك أحد فرض رأى أو مذيع أو فنان.
مثلاً فى الثمانينيات ومع بزوغ اسم حسنى مبارك أرادوا تصنيع مطرب يصبح هو الناطق الرسمى للدولة مثلما كان عبد الحليم فى زمن عبد الناصر، صار هذا المطرب فى كل الحفلات يتصدر المشهد، إلا أن الدولة نفسها فى نهاية الأمر لم تتمكن من فرض صوتها، بل لم يلبث الأمر طويلاً ووجدناها تتراجع تماما عن الاستعانة به فى كل المحافل الرسمية، ولو عقدنا المقارنة مع زمن الخمسينيات والستينيات، سنكتشف أن الناس أحبت أولا عبد الحليم المطرب العاطفى، ولهذا صدقوه فى غنائه الوطنى، رغم أنه انطلق فى زمن كانت الدولة تملك فيه كل منافذ الإعلام، ولكن وجدان الناس لديه دائما مساحة للانطلاق بعيدا عن كل قيد.
مع الألفية الثالثة ومع رسوخ الفضائيات، تراجع بنسبة كبيرة الإعلام الرسمى الحكومى، ظهر موازيا لكل ذلك طرف فاعل إنه (السوشيال ميديا)، سوف ينشط بالضرورة بقوة أكبر، كلما نشطت محاولات فرض نغمة وصوت محدد بات على الجانب الآخر التعطش أكثر لتلك الإطلالة التى تتمرد على القولبة وعلى الإذعان، ومن الخطر الشديد أن تُصبح هى البديل الأقوى تأثيرا.
نعم كلنا نلاحظ زيادة مساحة التجاوز فى مواقع التواصل الاجتماعى، وهى فى جزء كبير منها نسبية وليست مطلقة، ربما ما أراه أنا وجيلى تجاوزاً لفظياً صار من مفردات التعامل اليومى، وكأنك تقول (صباح الخير)، ورغم ذلك حتى هذا الشطط والتطرف اللفظى والمعنوى مع الزمن سيتم تهذيبه، ولا أقول قطعاً تلاشيه.
يتردد دائما سؤال عن عودة وزير الإعلام، وربما يحسم القرار خلال تلك الأيام فى ظل حالة التخبط التى نعيش تحت مرمى نيرانها العشوائية، (عودة منصب وزير إعلام هو أبغض الحلال)، ولكن لا حل آخر يلوح حالياً فى الأفق، اللحظة تنتظر رجل إعلام بقدر ما هو رجل دولة، يستطيع أن يصبح هو جسر التواصل بينهما، يقترب من دائرة الإعلاميين لأنه يدرك (الشفرة)، وفى نفس الوقت يعلم أنه كلما تعددت الأطياف أكثر فإن هذا لصالح الدولة، تضييق هامش الاختلاف يضرب بقوة فى البنية التحتية لأى بناء إعلامى ينشد المصداقية، هل يتحقق ذلك مع نسمات 2019؟.
by via الفجر الفني
Enregistrer un commentaire