فوق أسطح منزل قديم بإحدى القرى الفقيرة، استغل طفل يدعى أسامة شمس، موهبته في العزف، مجمعا صفائح الخردة، وتناسى تمامًا عجزه عن الاستعانة بالآلات الموسيقية التي لا يملك مالًا لشرائها، وعزف عليها مطربا آذان أطفال قريته.
انتشر فيديو الطفل الصغير على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع كان كفيلًا بالبحث عن تلك الموهبة ومسقط رأسها، وكان رقم هاتف أحد أصدقائه الذي آمن بموهبته، وقرر مساندته بنشر ذلك الفيديو، هو طرف الخيط للوصول إليه.
بصوت غريق يحلم بطوق نجاة يأخذ موهبته على الشاطئ، استقبل الطفل الصغير مكالمة محرر "الفجر الفني" على أمل أن يخرج أحد ما فنه للنور، "برامج كتير جت تسجل معايا ومفيش جديد"، كلمات خرجت من أفواهه لتعبر عن مدى حاجته لمن يؤمن به؛ وبعد رحلة سفر استغرقت أربع ساعات متواصلة، استقبلنا الطفل أسامة شمس، بمسقط رأسه في كفر "العلما"، بمدينة فاقوس بالشرقية، بابتسامات وعلامات الفرح على وجهة.
استضافنا "شمس"، في غرفته البسيطة، فوجدنا أدوات الصفيح داخل الغرفة، وعند تسألنا لماذا تحتفظ بتلك الخردة في غرفتك قال: "هي من أهم الأشياء في حياتي، فلابد أن استيقظ وهي أمام عيني كل يوم"، حيث يقوم بجمعها ويلعب عليها ليتأكد من عدم إهلاكها، واستطاعتها على أن تصدر الأصوات الموسيقية التي اشتهر بها.
يتجمع العديد من أطفال القرية أمام منزله، لمساعدته في نقل خردة العزف، وكأنهم ينظمون حفلًا موسيقيًا ضخمًا فوق سطح المنزل المجاور لمنزله البسيط، الذي لا يستطيع أن يمارس داخله موهبته في العزف.
يبدأ الطفل في تركيب تلك الصفائح التي جمعها من مقالب الخردة، لتصبح آله شبيه بـ"درامز" من طراز فاخر لكبار العازفين.
بكل ثقة وإيمانًا بموهبته التي تخلى عنها جميع مكتشفي المواهب الموسيقية، يعزف أسامة على خردته، التي تصدر صوت الإيقاع فقط.
يشهد حفله في العزف على الخردة، إقبال عدد كبير من أطفال القرية والأصدقاء المقربين له، وكأنه حفل لفنان سوبر ستار يتواجد على الساحة الفنية.
استطاع هذا الموهوب صغير السن أن يغير مفهوم انزعاج جيرانه الذين كانوا يقومون بالشكوى لوالده عندما كان يعزف على صفائح الخردة، ليحرصوا بعدها على مشاهدته دائمًا من شرفة منازلهم المقاربة لهذا السطح الذي أصبح مسرح يقدم عليه موهبته.
Post a Comment